كارل بوبر
المستقبل واعد ينتظر منا الكثير بدءا بما نقوم به اليوم جميعا وما نقوم به غير مستقل عن فكرنا ،عن رغباتنا ،عن آمالنا وعن تخوفاتنا أي عن منظورنا إلى العالم والأحكام التي نصدرها على الإمكانات المنفتحة التي يوفرها لنا هذا المستقبل ،هذا يعني بأننا نتحمل مسؤوليات تتزايد أكثر عندما نعي الحقيقة التالية: إننا لا نعرف سيئا أو لا نعرف إلا القليل حيث نكون مضطرين إلى اعتبار هذا القليل "لاشيء" فهو لاشيء بالنظر إلى ما يلزمنا معرفته من اجل اتخاذ القرارات الصائبة. أول من تفطن إلى هذه الحقيقة هو الفيلسوف سقراط الذي كان يقول :على رجل الدولة أن يكون حكيما بمعنى أكثر حكمة ليعرف أنه لا يعرف أي شيء ، وكان أفلاطون يقول بأن الملك ملزم بأن يكون حكيما وهو بهذا يقصد شيئا مخالفا لسقراط أي على الملوك أن يكونوا فلاسفة وأن يلجوا أكاد يميته لتعلم الجدل وعلى الفلاسفة العظام يقع أمر تدبير وتسيير العالم .نسب أفلاطون هذه الفكرة لسقراط مما أدى إلى بعض الغموض ذلك أن الفلاسفة كانوا متحمسين لسماع أحقيتهم بتسيير العالم، حتى أن الاختلاف العميق بين ما أراده سقراط وما أراده أفلاطون من الإنسان ذهب مدرج رياح الجدل الفلسفي لهذا أريد أن أوضح هذا الاختلاف فصيغة "يجب أن يكون رجل الدولة حكيما" تعني عند أفلاطون بأن الفيلسوف العظيم له الحق في السلطة ،من هنا ادعاء أحقية الحكم للمثقفين من قبل "النخبة" أما بالنسبة لسقراط فالمسألة مغايرة لأن هذه الصيغة تعني بأن على رجل الدولة أن يعرف محدودية معرفته وأن يكون متواضعا في ادعاءاته :فهو يرى بأنه يتحمل مسؤولية كبرى في الحرب والسلم ،يعرف المآسي التي يمكن أن يتسبب فيها وأن يدرك بأنه لا يعرف إلا القليل فموقف سقراط متضمن في هذه الوصية "اعرف نفسك بنفسك واعترف بأنك جاهل".
ليس الأفلاطوني ملكا بل رئيسا عارفا لحزب ولو أن حزبه مكون من نفسه فقط بالمقابل فإن كل رؤساء الأحزاب خصوصا الأحزاب العدوانية والأحزاب الناجحة هي بدورها أفلاطونية ما دام أفلاطون يعتبرهم أكفاء لتسييرنا.
"من يجب أن يحكم "إنه السؤال الجوهري في الفلسفة السياسية لأفلاطون أما جوابه فهو كالتالي "الحكم للممتاز والحكيم في نفس الوقت،يبدو هذا الجواب من الوهلة الأولى ثاقب وعادل لكن ماذا سيحدث لو أنكر ذلك الإنسان تمتعه بهذه الخصائص ورفض الحكم هذا بالفعل ماكان ينتظره أحد أتباع سقراط من الممتاز والحكيم فهو يرى بأن من يعتقد بأنه كذلك لا بد أنه مصاب بهذيان العظمة، وإنسان مثل هذا لا يمكنه أن يكون لا ممتازا ولا حكيما ، إنه إذا سؤال سيئ الطرح ومع ذلك لا زال الكثير يكرر طرحه إلى الآن مع اعتماد الحل الأفلاطوني . منذ مدة كان الجواب كالتالي :ينتخب الإمبراطور من قبل الجيش لأنه الوحيد الذي يملك قدرة البقاء في السلطة ،بعد هذا ستصبح المسألة كالتالي :الأمير الشرعي بالتفويض الإلهي ،وسيتساءل ماركس أيضا :من سيتقلد الحكم _الديكتاتوري_ البروليتارية أو الرأسمالية؟سينحاز ماركس للطبقة البروليتارية ما دامت تملك وعيا طبقيا وليس للطبقة الرأسمالية الشريرة ولا لحثالة البروليتاريا.
يستمر أغلبية منظري الديمقراطية بدورهم في الإجابة عن السؤال الأفلاطوني حيث ستتعلق نظريتهم بتغيير الجواب الذي أصبح بداية من العصر الوسيط بديهيا "الأمير الشرعي بواسطة التفويض الإلهي "بالجواب "من طرف الشعب بواسطة التفويض الإلهي"وحذف بعد ذلك "بواسطة التفويض الإلهي "أو بتغييرها بصيغة من نوع "الشعب بواسطة تفويض الشعب"وهذا ما كان يردد في روما القديمة "صوت الشعب هو صوت الإله".
نجد دائما السؤال الأفلاطوني "من يجب أن يحكم "وبقيمة كبرى ضمن النظرية السياسية والنظرية الشرعية وفي نظرية الديمقراطية فنقول عن حكم له الحق في الإمساك بزمام السلطة عندما يكون شرعيا أي عندما يكون منتخبا من قبل أغلبية الشعب أو من ممثليه وفقا لقواعد الدستور ،لكن لايجب أن ننسى بأن هيتلر قد وصل إلى الحكم بطريقة شرعية وأن القانون المتعلق بالسلطات الكاملة الذي جعل منه ديكتاتورا تم التصويت عليه بأغلبية برلمانية،فمبدأ الشرعية إذا ليس كافيا وهو يأتي كجواب على سؤال أفلاطون الذي من الضروري تعديله. لقد رأينا بأن مبدأ السيادة الشعبية هو أيضا جواب ممكن حيث يتعلق الأمر بمبدإ خطير لأن ديكتاتورية الأغلبية يمكن أن تكون مفزعة للأقلية.
عندما أصدرت منذ أكثر من أربعين سنة كتاب"المجتمع المفتوح وأعداؤه" اقترحت فيه تغيير السؤال الأفلاطوني"من يجب أن يحكم" بسؤال مخالف جذريا وهو "كيف نتصور تنظيما للدولة يحررنا من الحكم بدون إراقة الدماء" لا يعير هذا السؤال كما نرى أهمية لكيفية إقامة حكم بقدر ما يعير أهمية لكيفية التخلي عنه.
إن كلمة ديمقراطية التي تعني "حكم الشعب"هي مع الأسف خطيرة ذلك أن كل فرد من الشعب واع بأنه لا يحكم ويعتقد بأن الديمقراطية هي احتيال وغش وهنا يكمن الخطر ،فمن الضروري أن نتعلم منذ المدرسة بأن مصطلح "ديمقراطية"ومنذ نموذجها الأول بأثينا هو الاسم التقليدي الذي نطلقه على مؤسسة تعمل على منع نظام ديكتاتوري طاغ ذلك أن الديكتاتورية والطغيان هما أسوأ الأشياء كما رأينا هذا في الصين ،ولا يمكن التخلص منهما بدون إراقة الدماء وفي أيامنا هذه ما يزال الديكتاتوريون أقوياء كما لاحظنا هذا في محاولة التمرد ضد هيتلر في يوليوز1944 ،فكل ديكتاتورية سيئة أخلاقيا إنه المبدأ الأخلاقي الأساسي للديمقراطية الممتد كشكل للدولة يسمح بحل الحكم بدون إراقة الدماء،فالديكتاتورية سيئة أخلاقيا لأنها ترغم مواطني الدولة ضد وعيهم وضد قناعا تهم الفكرية والأخلاقية على التعاون مع الشر ولو بالتزام الصمت ،فهي تحرم الإنسان من مسئوليته الأخلاقية التي بدونها لن يكون إنسانا مادامت كل محاولة لتحمل المسؤولية الإنسانية تتحول إل نوع من الانتحار.نستطيع أن نبرهن بأن الديمقراطية الأثينية إلى حدود براكليس وتوقد يد على الأقل لم تكن سيادة للشعب بقدر ما كانت وسيلة لمحاولة تجنب أقصى ما يمكن الطغيان والاستبداد ،وقد أدت الثمن غاليا حيث تم القضاء عليها بعد أقل من قرن با عتماد أسلوب النفي ضد كل من أصبح يملك شعبية كبرى للوقوف ضد وصوله إلى الحكم . تنبه براكليس إلى أن الديمقراطية الأثينية ليست سيادة شعبية والتي من المستحيل أن توجد حيث يقول "بالرغم من أن القليل من الناس قادرون على فهم مشروع سياسي فإننا على الأقل قادرون على الحكم عليه"هذا ما يجب أن يكون عليه يوم الاقتراع فهو ليس اليوم الذي نمنح فيه الشرعية لحكم جديد لكنه اليوم الذي نحكم فيه على القديم،إنه اليوم الذي سيكشف فيه الحكم عن أعماله .
أريد أن أبين باختصار بأن الفرق بين الديمقراطية كسيادة شعبية والديمقراطية كمحكمة شعبية له تأثيرات عملية وليست كلامية خالصة فقط لأننا نلحظ بأن فكرة السيادة الشعبية تقود إلى امتداح تمثل افتراضي فكل مجموعة رأي وكل حزب بما فيهم الأحزاب الصغيرة يجب أن تكون ممثلة لتتحول التمثيلية البرلمانية إلى مرآة للشعب ولتتحقق فكرة الحكم من قبل الشعب ما أمكن ، وقرأت أيضا الاقتراح المزعج الذي بموجبه يجب على كل مواطن أن يضغط عل زر كهربائي ليصوت مباشرة على كل المشاكل المثارة في النقاش عبر الشاشة الصغيرة من طرف ممثليهم 0تبدو الأشياء مخالفة في منظور الديمقراطية كمحكمة شعبية لأنني أعتقد بأن تكاثر الأحزاب هو عبارة عن نحس وأنا ضد الاقتراع النسبي ذلك أن التفتيت الحزبي ينتج حكومات ائتلافية لا أحد يكون فيها مسؤولا أمام محكمة الشعب مادام كل عمل هو نتيجة لتوافقات ويصبح من غير المحقق أننا يمكن أن نتخلص من حكم ما لأنه يكفي الحصول على حليف جديد ولو بدون قيمة في التحالف لمشروعية البقاء في الحكم ،في المقابل عندما توجد أحزاب قليلة فإن الحكومة ستكون بالضرورة حكومة للأغلبية وتكون مسئوليتها واضحة ودقيقة،علاوة على هذا أرى بأنه ليس من الفائدة أن تنعكس أفكار الشعب نسبيا على مستوى ممثليهم وأيضا أقل على مستوى الحكومة لأن هذا سينزع المسئولية عن الحكومة مادامت المرآة غير مسئولة إزاء أصلها. لكن الاعتراض الذي أثيره في مقابل السيادة الشعبية هي أنها تعمل على تشجيع إيديولوجية لا عقلانية أي خرافة :الخرافة السلطوية النسبوية التي تعتقد بأن الشعب (أو الأغلبية)لا يمكن أن يخطأ أو يتصرف بكيفية غير عادلة ،إنها إيديولوجية غير أخلاقية من الواجب إقصاؤها .
منذ توقديد نعرف بأن الديمقراطية الأثينية أقدمت بدورها على إجراءات إجرامية تمثلت في مهاجمة جزيرة"ميلوس"المحايدة فقتلت الرجال وباعت النساء والأطفال في الأسواق الكبرى للنخاسة ،ولقد كان البرلمان الألماني لجمهورية "فايمر"المنتخب بحرية قادرا وبفضل الإجراءات الدستورية حول السلطات الكاملة أي بطرق مشروعة أن يجعل من هيتلر ديكتاتورا ،وبالرغم من أن هيتلر لم يفز بأية انتخابات حرة في ألمانيا فإنه استطاع بعد ضم النمسا بالقوة أن يفوز بها فوزا ساحقا.
إننا معرضون للخطإوالشعب معنا ،فإذا كنت لصالح الفكرة التي ترى بأن الشعب بمستطاعه أن يتخلص من الحكم فلأنني لا أعرف كيفية جيدة لاجتناب الحكم الطاغي المستبد فمن هنا لا توجد مآخذ على صيغة الديمقراطية كمحكمة شعبية التي أدافع عنها حتى أن قول "تشرتشل"الساحر ينطبق عليها"إن الديمقراطية هي أسوء شكل من أشكال الحكم باستثناء كل الأشكال الأخرى" باختصار فإن الفرق بين الفكرتين _الديمقراطية كسيادة شعبية والديمقراطية كمحكمة شعبية أي كأداة تسمح بتجنب حكم ثابت غير قابل للعزل أي حكم طاغ مستبد_ ليس كلاميا فقط. لازلنا حسب علمي ندافع في المدارس عن النظرية الإيديولوجية الخطيرة المتعلقة بالسيادة الشعبية ، ولا نعير قيمة للنظرية المتواضعة والواقعية للديمقراطية كوسيلة لتجنب الديكتاتورية التي لايمكن تحملها ولا الدفاع عنها أخلاقيا.
أعود الآن إلى ما انطلقت منه ،فالمستقبل مفتوح جدا يمكننا التأثير فيه ونحن نتحمل مسؤولية كبرى لكننا مكبلين عن فعل شيء إيجابي فهل بإمكاننا فعل شيء لتجنب حدوث وقائع فضيعة كتلك التي وقعت في الشرق الأدنى؟أتكلم هنا عن القومية والتمييز العنصري ضحايا "بول بوت"في الكامبودج،ضحايا آيت الله في إيران ،ضحايا الروس في أفغانستان والضحايا الجدد في الصين. ماذا يجب علينا أن نفعل من أجل تجنب كل هذه الأحداث غير المعقولة ؟وهل باستطاعتنا تجنب أي شيء؟ جوابي سيكون بنعم لأنني أعتقد بأننا يمكن أن نفعل الشيء الكثير وعندما أقول نحن فإنني أتحدث عن المثقفين يعني الناس الذين يهتمون بالأفكار وبالأخص ألئك الذين يقرأون وربما يكتبون لكن ما الذي يدفعني إلى الاعتقاد بأننا نحن المثقفون بإمكاننا أن نلعب دورا إيجابيا؟
بكل بساطة لأننا كنا منذ آلاف السنين سبب الكثير من الأوجاع الفضيعة ذلك أن إبداعنا واختراعنا الثقافي تمثل غالبا في تدمير شعب من أجل فكرة أو مذهب أو نظرية ،فلماذا لا نكف عن تحريض الناس ضد بعضهم البعض غالبا بنوايا طيبة وإذا وقفنا عن هذا الحد لا أحد سيدعي بأن هذا مستحيل بالنسبة لنا.
"إنك لن تقتل أبدا/" هي أهم وصية من الوصايا العشرة وهي تلخيص لكل الأخلاق وتكون أخلاق شوبنهاور توسعا فقط لهذه الوصية الرئيسية وهي أخلاق بسيطة مباشرة واضحة فهو يقول"لا تخطئ إزاء أي إنسان،لا تحرج أي إنسان ساعد الناس قدر ما استطعت.لكن ماذا وقع عند ما نزل موسى لأول مرة من جبل سيناء بالألواح الحجرية قبل أن يعلن الوصايا العشر؟
إنه اكتشف بدعة قاتلة،بدعة العجل الذهبي فنسى الوصية وصاح "فلتأت إلي رعية الرب(…) هكذا تكلم الرب اله الإسرائيليين:على كل فرد أن يجرد سيفه ويقطع رأس أخيه،صديقه قريبه(…) وهكذا سقط في ذلك اليوم ثلاثة آلاف رجل" هكذا كانت البداية ويقينا استمرت الأمور بنفس الشكل في الأرض المقدسة ومن بعد في الغرب خصوصا إثر قيام المسيحية كدين للدولة مما دشن لتاريخ مفزع من الاضطهاد والتعذيب الديني باسم الأورتودوكسية أما في القرنين 17و18فتم اعتماد أسباب أخرى من أجل تبرير الاضطهاد والرعب باسم القومية،العرق،الطبقة،والبدعة السياسية أو الدينية.
إن مفاهم الأورتوذوكسية والبدعة تخفي النزعات الشريرة الحقيرة،التي نجد أنفسنا نحن المثقفون موضوعها بشكل خاص:العجرفة،اليقين بامتلاك الحقيقة دائما،ادعاء المعرفة،الغرور الثقافي،إنها نزعا ت وآفات حقيرة ليست أخطر من الفضاعة بالرغم من أن هذه ليست غريبة تماما عن المثقفين،يكفي التذكير بالأطباء النازيين الذين كانوا يقتلون الشيوخ والمرضى قبل تدشين مركز الإبادة Auschwitzوفيما كان يطلق عليه "الحل النهائي"للمشكل اليهودي.
أقدمنا نحن المثقفون،بجبننا وعجرفتنا وغرورنا بفعل أسوء الأشياء،نحن الذين نتحمل مسؤولية أولئك الذين لم يستطيعوا الدراسة،نحن خونة الفكر كما قال المفكر الفرنسيJulien Bendaفنحن الذين أبدعنا ونشرنا القومية كما بين هذا "باندا"ونتبع جميع المودات البليدة،نريد أن نتميز ونتحدث لغة غير مفهومة،متيرة،لغة عالمية مصطنعة ورثناها عن أساتذتنا الهيجليين(…)إن الخسائر التي تسببنا فيها في الماضي فظيعة مهولة جدا لكن منذ أن تحررنا لكتابة وقول كل شيء أصبحنا مسؤولين أكثر؟
لقد قلت فيما مضى بخصوص اليوتوبيا الأفلاطونية بأن كل الذين تناوبوا لخلق الجنة على الأرض لم يسببوا إلا الخراب،فالكثير من المثقفين منبسطين من جهنم هيتلر،فعالم النفس السويسري كارل يونغ اكتشف في نظام هيتلر منبع انطلاقة جديدة للروح الجرمانية،ولم يكن ليخاف على نفسه لأنه كان يعيش بعيدا عن ساحة المعارك،أي في سويسرا،وبعد موت هيتلر نسي كل ماكتبه،وتحول الى نقد الطبيعة الفاسدة للروح الألمانية (…) منذ الانتصار على هيتلر لاتعيش أوروبا في جحيم هذا الرجل لكن تعيش ضمن جنة السلم في أحسن وأعدل عالم عرفته الإنسانية ولوكان ستالين ساهم فيه لكنا اليوم وبفضل الأمم المتحدة في سلم ليس أوروبيا بل عالميا وكان مشروع مرشال سيكون مشروعا عالميا.لكن وبمجرد استتباب الأمر انفجرت ضجة كبرى مع لعنات المثقفين ضد هذا العصر السيء ضد مجتمعنا،ضد حضارتنا،ضد عالمنا الجميل،كان هذا بداية المغالاة المفزعة حول التدمير والتلوث الذي تسببنا فيه بغرض الربح من أجل تدمير سريع ما أمكن لما تبقى من عالم كان جميلا فيما مضى.كل حياة في خطر بمعنى أننا سنموت عاجلا أم آجلا و أن الخطر كان دائما موجودا منذ الأصول الأولى للحياة بما فيه الخطر على البيئة،للمرة الأولى وبفضل تقدم العلم نستطيع أن نفعل شيئا للبيئة ذلك أن العلماء والتقنيون يشتغلون في هذا الاتجاه وهم مع ذلك متهمون بتدمير الطبيعة،في الوقت الذي تم فيه إنقاذ بحيرة "زوريخ"وبحيرة "ميشيكان"بدون ضجيج وكان هذا بفضل مساهمة العلم والتكنولوجيا والصناعة .إن العالم صعب التدبير فكل نوع حيواني أو نباتي أو بكتيري يؤثر على محيط أنواع أخرى ،أما تأثيرنا فوقعه أكبر(…)ليس من السهل المحافظة على مراقبة الطبيعة وأن الديمقراطية ليست بدورها شيئا سهلا وكما ذكر تشرتشل فإن الديمقراطية هي أسوء شكل للحكم باستثناء كل الأشكال الأخرى لكن مالم يوضحه تشرتشل أقوله أنا:بالنسبة للحكام فإن الديمقراطية ليست بالشكل المريح للحكم لأن الحكومات مهددة دائما بالحل فهي مضطرة لتقديم توضيحات لي و لك،هذا ما يجعل عملها صعبا فنحن هيئة القضاء وهيئة المحلفين لكننا معرضون لتأثيرات لادينية يتم الدعوة لها أحيانا .
ما أسماه هيجل "روح العصر"الذي هو خطير دائما ،كالإيديولوجيات المودة التي هي دائما بدرجة بلادة لا يمكن صبرها وتعتبر الخطأ صوابا حتى في حالة بداهة الحقيقة ،فكل هذا يستميل القضاء والمحلفين الذين لا يخرجون عنا.
لقد استطاع هيتلر مثلا التعلم بواسطة أساتذة متحمسين لما يعتقدونه في قرارة أنفسهم بأن العالم مريض ودواءه هو الروح الألمانية اعتقد بهذا هيتلر ومثله بعض الشباب الشجاع الذي قتل طيلة الحربين الألمانيين من أجل بسط هيمنته على أوروبا وفي المقابل شبان فقراء هم الأعداء سيقوا الى الموت لكنهم كانوا يكافحون ببسالة من أجل الحرية والسلم وليس من أجل هيتلرالإمبراطور الأعلى للحرب.