Nourdinne:stito Admin
عدد الرسائل : 726 العمر : 32 Localisation : Errachidia تاريخ التسجيل : 22/06/2007
| موضوع: مقاربة أي موضوع في الفلسفة يجب أن تتم من خلال أربع فترات... السبت 8 سبتمبر 2007 - 2:02 | |
| أن مقاربة أي موضوع في الفلسفة يجب أن تتم من خلال أربع فترات زمنية رئيسية هي : فترة القراءة الكلية للموضوع ، فترة وضع التصميم العام للإجابة، فترة التحرير، فترة المراجعة. ا) فترة القراءة الكلية للموضوع هي في الواقع لحظة تأمل في الموضوع، قصد اكتشاف الأطروحة التي يعرضها، أو الإشكالية التي يريد طرحها...الخ. ومن ثم لابد أن نعيد قراءة الموضوع المرات الضرورية، وألا ننشغل أبدا بما يحدث حولنا لأنه يتصادف أحيانا أن بعض الأفراد يكتفون بقراءة أولية سريعة ويشرعون في تحرير الإجابة، فنحاول بدورنا أن نفعل مثلهم. إن العواقب التي تترتب عن مثل هذا السلوك كثيرة، أهمها عدم فهم الموضوع، وهو أمر ينجم عن الانسياق وراء كلمات من النص - مثلا - أو في أحسن الأحوال أفكار ثانوية، فينتج عن ذلك، إما الخروج عن الموضوع، وإما كتابة "موازية" للمطلوب بدل أن تكون مقاربة له. ب) فترة وضع تصميم كلي للمقاربة: علينا أن نحاول تحاشي الكتابة المباشرة/علينا أن نتحاشى التحرير المباشر على المسودة (ورقةالوسخ)، لأن ذلك يلزمنا القيام بعمليتين ذهنيتين : إحداهما تتجلى في استدعاء المعلومات المناسبة، والأخرى تتجلى في البحث عن التعبير المناسب لاستغلال تلك المعلومات. ويترتب عن ذلك لا محالة "قمع" كثير من الأفكار وإرجاعها إلى الذاكرة فتتعرض للنسيان. وسنضطر بالتالي إلى إنتاج مقاربات مليئة بالحشو والاستطراد. هكذا تظهر أهمية وضع تصميم شامل للمقاربة، باعتباره تفكير كلي، وتخطيط شامل للموضوع، وتحديد لأهم المراحل التي ستمر منها فترة الكتابة. كما يجنبنا التصميم الرجوع، في كل لحظة وحين، إلى معاودة قراءة الموضوع كلما أحسسنا بنضوب الأفكار في الذهن. لقد أثبت التجربة أن كثيرا ممن يشرعون في الإجابة دون الاعتماد على تصميم قبلي، سرعان ما يلجئون إلى نقل ما كتبوه من المسودة إلى ورقة الإجابة (ورقة التحرير)، ثم التناوب على الورقتين، مما يجعل موضوعاتهم عبارة عن حشو واستطراد. فطريقة التناوب تلك قد تنفع في الإختبارات ذات الأسئلة المتفرقة وليس في المقاربات ذات الطبيعة الإنشائية. ج) فترة التحرير : تشمل فترة التحرير لحظتين هما : لحظة التحرير على المسودة، ونعتبرها فترة بحث عن التعبير المناسب والسليم، لبلورة التدرج الفكري المعتمد في التصميم.إلا أنها - في ذات الوقت - تفكير في إيجاد اللحمة المناسبة لتسلسل الأفكار وترتيبها المنطقي. ثم تليها لحظة النقل النهائي إلى ورقة الإجابة (ورقة التحرير)، وهي لحظة ذات أهمية كبرى لأن ورقة الإجابة، تمثل في الحقيقة "الوجه" الذي سنظهر به أمام المصحح. ومن ثمة، لابد من الإعتناء بورقة التحرير شكلا ومضمونا. لذا لا يجب أن تكون عملية النقل عملية سلبية تقوم بها الذات بطريقة ميكانيكية في غياب أي وعي. وإنما علينا استحضار قدراتنا الذهنية ونفكر فيما ننقل ونعيد صياغته عند الضرورة ونصحح الأخطاء الإملائية والنحوية. د) فترة المراجعة : إن مراجعة ورقة الإجابة قبل إرجاعها أمر هام يمكننا من تصحيح "أخطاء السهو"، وبالتالي إعادة كتابة بعض الكلمات بخط أوضح ومقروء. لذا يجب أن تكون هذه العملية في الربع الساعة الأخير من الزمن المخصص للإجابة. وختاما لهذه التوجيهات نقول بأن علينا أن ندرك بأن أسئلة الاختبارات ليست أسئلة تعجيزية. فالامتحان تحضير واستعداد ذهنيين، وبالتالي استغلال مناسب للزمن المخصص للإجابة. كما أن هذه التوجيهات لا تخص مقاربة النص فقط، أو مادة الفلسفة بالتحديد، وإنما هي توجيهات يمكن أن تصدق على أية مقاربة ذات طبيعة إنشائية. إن منهجية الكتابة في مادة الفلسفة هي مجموع الخطوات العامة التي تهيكل الموضوع، وتشكل العمود الفقري لوحدته وتماسكه. وبما أن الأسئلة تتنوع في السنة النهائية إلى أشكال ثلاثة : النص الموضوع (والقولة-السؤال أو السؤال المفتوح فسنحاول فيما يلي إعطاء تصور عام حول كل طريقة على حدة : منهجية مقارية النص: يجب اعتبار النص المادة التي سينصب عليها التفكير، وبالتالي لابد من قراءته قراءة متأنية حتى نتمكن من وضعه (النص) في سياق موضوعات المقرر (اللغة، العقل، الحقيقة، النظرية، السعادة، الشخصية، الغير، الحق، الشغل) ؛ وبالتالي اكتشاف أطروحة المؤلف وموقعتها داخل الإشكاليات المثارة حول الموضوعة (أو المفهوم). ويجدر بنا أن نشير، في هذا المقام، إلى أن منهجية المقاربة يحددها السؤال المذيل للنص. والنصوص "المقترحة" على مستوى الثالثة أدب مطروحة للتحليل والمناقشة ; وبالنسبة للثالثة علوم يذيل النص بسؤال ذي مطلبين. وعليه، نرى أن منهجية مقاربة النص لا تخرج من حيث الشكل على أية كتابة إنشائية (مقدمة ـ عرض ـ خاتمة)، إلا أن لمقاربة النص الفلسفي خصوصيات تحددها طبيعة مادة الفلسفة نفسها. وسنعمل في التالي على بسط هذه الطريقة على ضوء تلك الخصوصيات. 1) طبيعة المقدمة : بما أن المقدمة تعتبر مجرد مدخل للموضوع، يجب أن تكون خالية من أية إجابة صريحة عن المطلوب، وبالتالي لا يجب أن توحي للقارئ (مصححا كان أو غيره) بمضامين العرض، لأنها بهذا الشكل تمنعه من استكشاف ما هو آت. كما أن المقدمة تعبير صريح عن قدرات عقلية مهارية، خصوصا منها مهارتي الفهم (الأمر يتعلق هنا بفهم النص وفهم السؤال)، وبناء الإشكالية. وعليه، يجب أن تشمل المقدمة ثلاث لحظات أساسية يتم فيها الانتقال من العام إلى الخاص، أي الانتقال من تقديم عام فضفاض، يكون هدفه التأطير الإشكالي للنص، وبالتالي موقعته (النص) داخل الإطار الإشكالي الذي يتحدد داخله، ثم الانتهاء بطرح الإشكالية من خلال تساؤلات يمكن اعتبارها تلميحا للخطوات التوجيهية التي ستقود العرض. ومن ثمة يجب أن نفهم بأن طرح الإشكالية ليس مجرد صيغة تساؤلية، وإنما هو طرح للتساؤلات الضرورية والمناسبة، والتي يمكن اعتبار الكتابة اللاحقة إجابة عنها. هكذا يمكن الاقتصار على تساؤلين أساسيين : تساؤل تحليلي(يوجه التحليل)، وتساؤل نقدي تقويمي (يوجه المناقشة)، (على اعتبار أن هناك أسئلة أخرى نعتبرها ضمنية نهتدي بها داخل فترات من العرض، حفاظا على الطابع الإشكالي للمقدمة). 2. طبيعة العرض : يمكن اعتبار العرض إجابة مباشرة على الإشكالية، ومن ثمة فإن العرض يتضمن لحظتين كتابيتين أساسيتين، هما لحظتا التحليل والمناقشة. 2-1 لحظة التحليل : إن هذه المرحلة من المقاربة عبارة عن قراءة للنص من الداخل لاستكشاف مضامينه وخباياه، وبالتالي تفكيك بنيته المنطقية وتماسكه الداخليين، كأننا نحاول أن نتأمل عقلية المؤلف لفهم الأسباب التي جعلته يتبنى الطرح الذي تبناه، ويفكر بالطريقة التي فكر بها. ومن ثمة لابد من توجيه التحليل بالأسئلة الضمنية التالية : ماذا يصنع المؤلف في هذا النص، أو ماذا يقول؟ كيف توصل إلى ذلك؟ ما هي الحجاج التي وظفها للتوصل إلى ذلك؟ فالسؤال الضمني الأول يضطرنا إلى إبراز الموقف النهائي للمؤلف من الإشكالية التي عالجها. والسؤال الضمني الثاني يدفع بنا إلى التدرج الفكري مع المؤلف، والسير معه في أهم اللحظات الفكرية التي وجهت تفكيره. أما السؤال الضمني الأخير هو سؤال يستهدف الوقوف عند البنية الحجاجية التي تبناها المؤلف، خصوصا منها الحجاج الصريحة التي وظفها لدعم أطروحته. 2ـ2 لحظة المناقشة : وهي لحظة كتابية تمكن من توظيف المكتسب المعرفي بشكل يتلاءم مع الموضوع وبطريقة مناسبة. يجب التأكيد في هذا المقام على أن المعلومات المكتسبة تؤدي دورا وظيفيا ومن ثم يجب تفادي السرد والإطناب، وبالتالي استغلال المعلومات الضرورية بالشكل المناسب، بحيث يصبح مضمون النص هو الذي يتحكم في المقرر وليس العكس. ومن ثم يمكن اعتبار المناقشة عبارة عن قراءة نقدية لأطروحة النص من خلال مقارنته بأطروحات تؤيده وأخرى تعارضه بطريقة سجالية تبين في كل لحظة وحين مواطن التأييد أو المعارضة. 3) طبيعة الخاتمة : يجب أن تكون الخاتمة استنتاجا تركيبا مستلهما من العرض، أي استنتاجا يمكن من إبداء رأي شخصي من موقف المؤلف مبرر(إن اقتضى الحال) دون إسهاب أو تطويل. إن التوجيهات الصادرة في هذا الشأن، لا تؤكد على تصور منهجي مضبوط لمقاربة السؤال المفتوح، وهذا أمر يفسح المجال لكثير من التضاربات والتأويلات. ونعتقد أن طريقة السؤال المفتوح هي - بالعكس - من الطرق، الأكثر استعمالا لتقييم التلاميذ مقارنة مع طريقة القولة-السؤال. حيث أن الملاحظة الموضوعية تبين أن المواضيع المقترحة – في فرنسا نموذجا – تكاد تنحصر في نوعين : السؤال المفتوح ومقاربة النص. وحتى تكون منهجية مقاربة السؤال المفتوح، في المتناول سنصحب الخطوات النظرية بنموذج، الهدف منه الاقتراب من الكيفية التي يمكن من خلالها فهم الجانب النظري. من أجل ذلك، نقترح السؤال التالي : " هل يمكن اعتبار الشخصية حتمية اجتماعية ؟ " يمكن أن نلاحظ أن هذا السؤال قابل لكي نجيب عليه بالنفي أو الإيجاب أو برأي ثالث يتأرجح بينهما...إلخ. صحيح أن الفلسفة تفكير نقدي، إلا أنها، في ذات الوقت، تفكير عقلي منطقي ينبني على المساءلة، والفهم، والتفكير، قبل إصدار الأحكام. وحتى لا يظهر موضوعنا في صورة الأحكام القبلية والجاهزة ؛ لا بد من أن يكتسي صيغة إنشاء، أي بناء فكري متدرج ينطلق من الفهم إلى النقد، مستثمرين الأطروحات الفكرية والفلسفية التي نعرفها. لنتفحص السؤال المطروح أولا : يلاحظ ، أننا إذا أزلنا الطابع الاستفهامي للسؤال ( هل] يمكن اعتبار الشخصية حتمية اجتماعية [؟ )، نحصل على العبارة التالية : " يمكن اعتبار الشخصية حتمية اجتماعية ". الأمر الذي يستدعي منا، أولا، توضيح ما معنى أن تكون الشخصية حتمية اجتماعية؟ ! قبل أن ننطلق في مناقشة " هل يمكن اعتبارها حتمية اجتماعية ؟ ". ونعتقد أن تسجيل هذه الملاحظة الأولية سيساعدنا على تمثل الخطوات المنهجية اللاحقة. 1) طبيعة المقدمة لا يجب، أبدا، أن ننسى أن هدف المقدمة في الفلسفة، هو أن نحول الموضوع، المطروح علينا، إلى قضية إشكالية. وعليه، لابد أن يتحول السؤال ذاته، إلى إشكالية. وذلك بتأطيره، أولا، داخل الموضوعة العامة، ثم داخل الإشكالية الخاصة. كما هو الشأن بالنسبة للنص، أو القولة. لكي تنتهي مقدمتنا، بالتساؤلات الضرورية، المستلهمة من السؤال المطروح علينا ذاته. وحتى يكون كلامنا إجرائيا نعود إلى " سؤالنا ". للتأطير الإشكالي، للسؤال المقترح، يمكن أن يتخذ تقديمنا العام، صيغا متنوعة. كأن نستغل – مثلا - التنوع الدلالي لمفهوم الشخصية، أو نستغل طبيعة الفلسفة وما تتسم به من خصوصية في دراستها للقضايا المتميزة بطابعها الإشكالي، لنخلص بعد ذلك إلى التأطير الإشكالي للسؤال، بإظهار أن هذا السؤال يحتم علينا مقاربة مفهوم الشخصية خصوصا من حيث إشكالية الشخصية وأنظمة بنائها. لننتهي إلى طرح الإشكالية من خلال صيغة تساؤلية كالآتي : ما معنى أن تكون الشخصية حتمية اجتماعية؟ وإلى أي حد يمكن اعتبارها (أي الشخصية) منتوجا حتميا لمعطيات اجتماعية موضوعية ؟ فلا يجب أن ننسى أن المهم في بناء الإشكالية، ليس هو وضع التساؤلات لذاتها، ولا عددها ؛ وإنما التعبير عن التساؤلات التي سنجيب عنها، والتي لن تؤدي الإجابة عنها إلى الخروج عن الموضوع. 1) طبيعة العرض ينقسم العرض إلى مرحلتين، وبالتالي لحظتين فكريتين متكاملتين : مرحلة فهم القضية المطروحة علينا لتقييمها، ويجب في ذلك أن نستغل مكتسبنا المعرفي والأطروحات التي درست. حيث يجب أن تنم كتابتنا عن تأطير فكري للقضية التي سنناقشها. ومن أجل ذلك، يجب أن تبتعد كتابتنا عن العموميات و"الكلام المبتذل"
| |
|